سلام الله عليك ورحمته وبركاته، الناس يقولونها عادة، ونحن نقولها عبادة، نقولها ونحن نستشعر المعنى الجليل، سلام الله عليك أيها الحبيب، ورحمته ... وبركاته.
اخي الحبيب،،،،
كأني أقف في محراب صلاة في دعاء رقيق صادق يحمل الحب والود، فأقول لك وأنا في قمة الإخلاص والوفاء لك، سلام الله عليك ورحمته وبركاته، ودعاء تام، أدعو لك بالسلام والرحمة والبركة، من الله سبحانه وتعالى، إنه دعاء من قلب أحبّكَ دون أن يراك، وأحبُّ الناس إلى نفسي من أراهم بقلبي، والقلب مستودعُ الرحمات والحب والحياة، وهو الذي يجعل الإنسان يتميز بالخير والحق والذوق والجمال والحياة، وهذه أول وصايايَ لك، أن تكون تجسيداً للخير والحق والذوق والحياء والجمال. الحياء له سلطانٌ ساحر على القلوب، والجمال له سلطان ساحر على العقول، والجمال الذي أعنيه هو وضوح بهاء الروح على نضارة الوجه "سيماهم في وجوههم من أثر السجود" ، فإذا رأيت أصحاب ذلك هداك حبهم إلى معالم الحق والنور " نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم" ، "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين" هذا هو الجمال الحق، أما الحياء فهو الجمال الحيّ المشرق الناطق الذي يجذب القلوب والنفوس بل يطوعها، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحياء خير كله" و " لكلِّ دينٍ خُلُق وخلقُ هذا الدينِ الحياءُ ".
والإنسان الذي يُعطي هذا الخير يؤمل فيه ويرتقب منه. والذين يملكون تلك المواهب عليهم أن يكونوا شموعاً للناس ودعاة بما وهبهم الله تعالى من حسن الخلق يقفون على رأس طريق الرحمن منادين بكلمة الله " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله".
هذا العالم يحتاج إلى قلب وعاطفة ومشاعر، فَكُن القلبَ لهذا العالم، وأحيه بعاطفتك ومشاعرك، إن الإنسان الذي يعيش بلا قلب ولا عاطفة ولا مشاعر قد تكون له فلسفةُ أو نظرة أو تجربة لكن الإنسان لا يكون إنساناً إلا بمثل هذه المقومات النفسية والروحية، وإلا لكان الإنسان الآلي والكمبيوتر يغطيان مهمة الإنسان.
إنّ الإنسان قلب وروح وعاطفة، وإذا قلت العاطفة في معرض المدح فإنها ليست عاطفة مطلقة بلا قيود ولا حدود، إنّ العاطفة بنبض وحياة وهي مقيدة بأصول شرعية، والذين يتعاملون بالعواطف الجاهلية لا يقفون على قدم المساواة مع العواطف النظيفة العفيفة التي هي سر حياة المسلم وسر وجوده الروحي.
ولقد كان إمامنا رحمه الله يدرك هذه الحقيقة حين قال: (أيها الإخوان ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول وأضيئوا نظراتِ العقول بلهبِ العواطف).
إن عاطفة الأخ المسلم مقيدة بل متحصنة بتقوى الله عز وجل، وليس من المعقول أن نحاصرها أو نتجاهلها أو نقتلها لأنها فطرة. ولكن جاء الإسلام العظيم ليفتح لها منافذَ الطهرِ والعفاف والنقاء وكانت أعظمُ هذه النوافذ هذا الخطاب (إني أحبك في الله تعالى) عاطفة الأخوة والحب في الله أعظم زادٍ أمامَ هذا الطغيان المادي، وهي الغذاء لذلك الجوع العاطفي الذي ينزل بكثير من القلوب.
كنت كثيراً ما أقبِّلُ أطفالي الصغار في سن الرضاعة، وكنت أميل إلى أن أتشممهم وأجد في ذلك راحةً وسعادة لنفسي، ولكني كنت أظن أن هذا التصرف فيه شيء من الإفراط، وذات يوم كنت أقرأ في سيرة رسولنا العظيم في غزوة مؤتة، حين ذهب إلى بيت جعفر بن أبي طالب ليتفقد أولاد جعفر بعد أن أعلَمَهُ الله تعالى بنبأ استشهاده، يقول الراوي فأخذَ رسول الله يقبل أطفال جعفر رضي الله عنه " ويتشممهم" وحين قرأت تلك الكلمة لم أتمالك من البكاء.
أيها المسلم العظيم: عَمِّرْ هذا العالَمَ بفيض حنانك، وأشعر كل القلوب بمزيد رحمتك وخُصّ إخوانك المسلمين بأعلى درجة من حرارة المحبة وأشعرهم بأنك تحبهم فذلك هو الاكسير لعلاج ألف مشكلة ومشكلة إن كثيراً من مشكلات العالم سببها خمود العاطفة أو انحرافها.
لا تنس أن لك إخوة فاسْعَ إلى قلوبهم وتلطّفْ معهم واجمع القلوب على القلوب بالإيثار والرعاية والصبر والحب.
احمل هذا النور واخترق به ظلمات هذه الجاهلية برفق ولين واقرأ في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنت مفتوح القلب فانك ستجد يقيناً أنه رسَّخَ هذه المعاني في كل حركة وكلمة وإشارة. "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
في تلك العواطف النقية التي نَدَبْتُكَ إليها حياةٌ .. وسعادةٌ .. ومددٌ .. وقوة، غذاء، ودواء، ورواء، واحات وحدائق وبساتين. عندي فرحة كبيرة، سعادة غامرة، سرور بالغ لا تتسع له الدنيا كلها. قلبي يخفق، ينبض بقوة يكاد يطير من الفرح. أمل كبير أرنو إليه على المدى البعيد. لأراك جندياً صادقاً من جنود هذه الدعوة. يا ربِّ بَقَدْرِ ما تعلم من صدق حبي لإخوتي أسعدنا بهم رجال دعوةٍ وجنود عقيدة تحمل الأمانة وتبلِّغُ الرسالة.إن شعوري الذي يلازمني: أنني أُوَدِّعُ إخواني الوداع الأخير. ولهذا فإنني أطمع في البقاء معهم أطولَ وقتٍ ممكن
حيث يساورني شعور بالموت في كل لحظة. شعور يستبد بي دائما. لذلك أحب أن أعطي أسرار قلبي لقلوب جديدة، إن عاطفتي وحبي لإخواني فوق كل عاطفة.
هل يحظى أحد بمثل ما نحظى به من حب وعطف وحنان، ببركة هذا الإخاء في الله إنها من قبل ومن بعد روحُ الإسلام الذي بعث الله به محمداً رحمة للعالمين، ياليتَ تلك القلوب الضائعة والتائهة تذوق ما ذقنا فتؤوب.
يا إخوتاه: لقد كنتم في عالم الغيب وكانت الدعوة تترقبُ مطلعكم المبارك لتكونوا هذه الطليعة المؤمنة التي يعز الله بها هذا الدين ويحقق بها أمل المسلمين. لو رأيتم دموعي وهي تترقرق في انسيابٍ حزين وفرح بما حبانا الله تعالى به من استجابة مثل هذه القلوب الطاهرة .. مَنْ يُصَدِّقُ بعد كل هذه المحن القاسية المريرة أن يستجيب هذا الشبابُ لداعي الله، ولكن صدق الله العظيم "الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح" نعم أنتم ولا أُزكي على الله أحداً، الذين لبيتم نداء الله تعالى بكل قوة وشجاعة " الذين قال الله لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".
أنتم بعيوننا وقلوبنا لأنكم رصيد دعوتنا واستمرار أيامنا واننا نأمل المزيد من هذا الجيل المنشود.
هناك ما يُبكيني ويُحزنني.. فهناك جفافٌ في قلوب بعض الإخوة وهم لا يشعرون لأنهم لم يسبق أن عاشوا في رحاب الوجد، فهم يتصرفون بلا إدراكٍ للحقائق النفسية العميقة، ومع حزني عليهم فإنني أتحملهم لأننا تعلمنا أن نعفوَ ونصفح بل أن نخفض جناح الذل من الرحمة لكل إخواننا.
كثيراً ما أجد نفسي وكأن ريحاً عاتية تهب على قلبي فتحدث قلقاً فماذا أفعل؟
عندما أجد مثل هذه الحالة أذهب إلى أخٍ صالح مؤتمنٍ أجلسُ معه أفضى له بكل ما في نفسي من عذابٍ وآلامٍ ومشاعرَ وعواطف مما يجوز لي شرعاً أن أقوله، وكثيراً ما أعود وكأن شيئاً لم يكنْ، مَنْ لنا غير هذه القلوب الحانية التي تغمرنا بالحب والحنان؟
رسالةُ جيلنا نستودعها جيلَكُمْ فاحرصوا على ود القلوب وطاردوا الوسواسَ الخناس ولا تدعوا فرصةً للغيبة والنميمة فانها تقتلُ الحبَّ وتُفشي البغضاءَ، قاربوا وسددوا ولِينُوا في أيدي إخوانكم وتطاوعوا ولا تختلفوا، والله معكم يحفظكم ويرعاكم لهذا الإسلام العظيم.
يا رب – سبحانك اعطيتَ لنا شباباً حياً تقياً قوياً و هُوَ لنا في هذه الدنيا زاداً ودواء ورواء نحبه حباً لا يعرفُ قدره إلا القلوب المشتاقة التواقة.
يا رب – نشكركَ أنْ جعلتنا نرى آخر أيامنا شباباً وحياة وحيوية في دعوتك ولدعوتك.
إنه يا رب – منك خير العزاء وأرجو في الآخرة أن تمنَّ علينا معهم باللقاء.
يا رب – دموعي حائرة تشتاق إلى قلوب زاهرة أشتاق إليهم على البعد البعيد.
يا رب - هؤلاء عبادكَ وهبوا لك أنفسهم وأموالهم، ربنا فاغفر لنا ولهم.
الحب في الله تعالى أذواقٌ وأرزاق، وليس الرزق هو المال فقط، فان التقوى رزق والإيمان رزق، أليس من ثمرات الإخاء الغنى والرضى والأمان والاطمئنان، فأيُّ رزقٍ أعظم من هذا. ألا تحس في اجتماعاتنا سعادةً تفوق حلاوة المادة وسلطانها، ألا تحس في [grade="00008B FF6347 008000 4B0082 FFA500"]صفاء قلوبنا وصدق مودتنا ما هو أغنى من الحياة نفسها[/grade]. إنه نورٌ يضئ جوانب الحياة فنقبل عليها في ثقة وحب وحماس.
الحياة يا أخي ليست المال والجاه فقط، ربَّ كلمةٍ عميقة مؤثرة ممزوجة بالصدق تعطي القلب حياة وسعادة وانتعاشاً أكثر من كل ما يفرح له أهل الدنيا.
أخي يا نموذج الإخاء:
الله يعلم أنني أحملُ لك أعمقَ معاني الحب لأدبك الجم وحيائك اللطيف وشعورك النبيل، وهَلْ لنا غير تلك القلوب الطاهرة في هذا الظلام وهذا الركام، بين جموع البشر التائه في غابات الوحوش الآدمية.إن العثور على قلب مؤمن مشرق يحبُّ الله ورسوله ويعمل لإعادة مجد الإسلام بمثابة العثور على كنز بعد فقرٍ وهوان، وأي كنز مهما بلغ قدرهُ يساوي قلبَ مؤمن، كل ما سوى الدين هباء، كل ما سوى هذه الرابطة المقدسة لا يساوي شيئاً. خجلتُ من نفسي كم تقصرُ في حقكَ.
الجمال مُحَصِّلَةُ مواهبِ الروح والعاطفةِ والذوقِ والأدب والحياء وحسن الإستماع ورقة الشعور والمشاعر، والانسانُ الموهوب هو الذي تزينه اللطائف الروحية فيضيء كالمصباح، تتلألأ على وجهه أنوارُ التقوى والهداية لمن رآه، كان رسول الله مَنْ رآه بديهةً هَابَهُ، ومن خالطه معرفةً أحبَّهُ، ومن وهبه الله تلك النعم عليه أن يقوم بحقِّها، يجمع بها القلوب ويشعل الأرواح، يدفع من ذَوْبِ قلبه في قلوب إخوانه ليربط على الحق قلوباً تجاهد في سبيل الله.
ليست الدعوة جانباً واحداً،
فمن يعجزه العمل في ميدان، فهناك ميادين كثيرة في حاجة إليه. يقول الإمام البنا رحمه الله: الفلاح الذي يزرع القطن يعرف أن الثمار تحتاج إلى ستة شهور فهل ينتظر ستة شهور بلا عمل؟ لا. انه يزرع حول القطن خياراً، طماطم، ذرة، فجلاً جرجيراً، حتى يأتي وقت حصاد القطن، نحن في حاجة إلى أن نؤدي حق الدعوة الفردية وهو أنفع شيء للدعوة في هذه الظروف. إن دعوتنا عالمية لن تقف عند مشكلةٍ ولا تتعطل عند أية معضلة ولا بد أن نتحرك، باستعمال البدائل والأولويات.